في عصر السرعة والمنافسة الشرسة، لم تعد الإعلانات التقليدية كافية للترويج عن منتج. بل وأصبح المستهلك أكثر وعيًا، وأكثر حساسية تجاه الأساليب المباشرة في التسويق. وهنا يظهر دور الاستراتيجيات الجديدة التى أثبتت فعاليتها، أبرزها: التسويق عبر المؤثرين و محتوى المستخدمين (UGC). كلاهما يهدف إلى كسب ثقة المستهلك وزيادة التفاعل، لكنهما يختلفان في الأسلوب، التكلفة، والأثر.
أولًا: التسويق عبر المؤثرين
المؤثرين اليوم أصبحوا أشبه بالصحافة والإعلام في السابق، لكن بلمسة شخصية وحقيقية. المتابعين يثقون في اختياراتهم، كأشخاص مقرّبين أكثر من كونهم مجرد وجوه إعلانية. لذلك، عندما يتبنى المؤثر منتج أو خدمة، يصل صوته لآلاف أو حتى ملايين بطريقة طبيعية وسلسة. يفتح التسويق عبر المؤثرين أبواب سريعة للوصول لشرائح جديدة من الجمهور، خاصة إذا كان المؤثر مختص بمجال محدد مثل الصحة، الموضة، التقنية أو السفر. يقوم التسويق عبر المؤثرين على التعاون مع شخصيات معروفة على منصات التواصل الاجتماعي، تمتلك قاعدة جماهيرية تتابعها وتثق بآرائها. قد يكونون مؤثرين كبار أو مؤثرين صغار (Micro/Nano Influencers).يستخدم المؤثر صورته الشخصية ومكانته للترويج للمنتج أو الخدمة، وغالبًا ما يكون الهدف هو زيادة الوعي بالعلامة (Brand Awareness)، وربطها مع شخصية محبوبة أو موثوقة.
ثانيًا: ما هو محتوى UGC؟
محتوى المستخدمين (UGC) يأخذ اتجاه مختلف. هو ببساطة المحتوى الذي ينشئه المستخدمون العاديون، لعرض تجربتهم مع منتج أو خدمة. يمكن أن يكون صور، مقاطع فيديو، مراجعات، أو حتى منشورات على السوشال ميديا. يتميّز محتوى UGC بالعفوية، ويولّد شعور إن المنتج “جزء من حياة الناس”، وليس مجرد إعلان. لذلك، تأثيره يكون عميق على قرار الشراء خصوصًا عند المستهلكين الجدد.
متى تختار التسويق عبر المؤثرين أو محتوى المستخدمين (UGC)؟
التسويق عبر المؤثرين ومحتوى المستخدمين ليسا خصمين في ساحة التسويق، بل هما أداتان تكملان بعضهما. المؤثرين يمنحون المنتج انتشار سريع، بينما الـ UGC يبني الثقة. الاختيار لا يجب أن يكون “من الأقوى؟” بل “ما الذي تريد العلامة التجارية تحقيقه؟”. والأذكى هو الدمج بين الطريقتين وفق أهداف واضحة، لتبقى العلامة التجارية قريبة من جمهورها.
الاعتبارات الاستراتيجية قبل الاختيار
عند تحديد أي أسلوب أنسب، على العلامة التجارية أن تسأل نفسها:
- ما المرحلة التي يمر بها المنتج (إطلاق – نمو – استقرار)؟
- ما طبيعة الجمهور المستهدف (جيل Z، الألفية، أو جمهور عام)؟
- ما الميزانية المتاحة؟
- ما المنصات الأساسية للتسويق؟ (، تيك توك، يوتيوب، المتاجر الإلكترونية).
متى تختار المؤثرين؟
اختيار المؤثرين يكون الأنسب في حالات معينة، منها:
- إطلاق منتج جديد:
يساعد المؤثر في الوصول لجمهور واسع بسرعة، ويمنح المنتج أو الخدمة دفعة قوية عند الظهور الأول. - بناء هوية العلامة:
إذا كنت تريد ربط علامتك بنمط حياة معين أو بشخصية معروفة. - الحملات الكبرى:
المناسبات الموسمية أو الحملات الوطنية - استهداف جمهور محدد:
المؤثرين المتخصصين في مجال محدد يساعدونك في الوصول لفئة دقيقة من الجمهور.
متى تختار UGC؟
محتوى UGC مناسب أكثر في هذه الحالات، مثل:
- تعزيز المصداقية:
المحتوى الذي ينشئه المستخدمون يُنظر إليه كدليل اجتماعي (Social Proof). الناس يثقون أكثر عندما يرون تجارب حقيقية لعملاء آخرين. - بناء الثقة على المدى الطويل:
بدلاً من إعلان مدفوع لمرة واحدة، يوفر محتوى UGC مادة متجددة لصفحاتك الإعلانية وموقعك الإلكتروني. - خفض التكاليف:
التعاون مع مؤثرين كبار قد يكون مكلف جدًا، بينما UGC يمكن إنتاجه بتكاليف أقل بكثير مع نتائج فعّالة. - تحسين الإعلانات المدفوعة (Paid Ads):
إعلانات تيك توك المبنية على محتوى UGC غالبًا تحقق معدلات تحويل أعلى لأنها تبدو طبيعية أكثر من الإعلانات الرسمية.
نقاط القوة والضعف لكل منهما
- المؤثرين: يمنحونك الوصول السريع والانتشار الواسع، لكن قد يكون التفاعل محدود إذا شعر الجمهور أن الإعلان غير صادق. كما أن التكلفة قد تكون عالية جدًا.
- UGC: يوفر محتوى صادق وقريب من الجمهور بتكاليف أقل، لكن لا يضمن الوصول لعدد كبير من الجمهور بمفرده. يحتاج إلى دعم بحملات مدفوعة أو نشر منظم.
التكامل بين الطريقتين
من الأفضل أن نتعامل مع التسويق عبر المؤثرين و الـ UGC كأدوات متكاملة في “رحلة العميل”. كل واحد منهم يخدم مرحلة مختلفة من هذه الرحلة، وإذا تم استخدامهم معًا بذكاء، النتائج تكون أقوى بكثير من الاعتماد على واحد فقط.
- مرحلة الوعي (Awareness):
هنا يبرز دور المؤثرين. وجود شخصية موثوقة تتحدث عن المنتج يخلق ضجة أولية ويجذب الأنظار بسرعة. المؤثر هو الشرارة التي تلفت انتباه الجمهور للعلامة التجارية، خصوصًا عند إطلاق منتج جديد أو دخول سوق جديد. - مرحلة الاهتمام (Consideration):
بعد أن يسمع الجمهور عن المنتج من المؤثر، يبدأون بالبحث عن تجارب حقيقية. هنا يأتي دور الـ UGC. صور العملاء، مقاطع الفيديو، والمراجعات العفوية تقدم دليلًا اجتماعيًا يرسّخ فكرة أن المنتج ليس مجرد “إعلان”. - مرحلة اتخاذ القرار (Conversion):
الجمع بين محتوى المؤثر والـ UGC في الإعلانات المدفوعة يرفع احتمالية الشراء. المؤثر يعطي المنتج مصداقية أولية، بينما UGC يزيل الشكوك الأخيرة ويعزز الثقة. هذا المزيج غالبًا يرفع معدل التحويل (Conversion Rate) بشكل ملحوظ. - مرحلة الولاء (Loyalty):
عندما يُعاد نشر محتوى العملاء على الصفحات الرسمية أو يتم الاحتفاء بها كجزء من حملة العلامة التجارية، يشعرون بالانتماء. هذا يولد دائرة جديدة من UGC ويحفّز الآخرين لتجربة المنتج. هنا يتحول العميل العادي إلى “سفير” غير رسمي للعلامة.
لماذا التكامل هو الخيار الأذكى؟
لأن الاعتماد على المؤثرين فقط قد يمنحك انتشارًا لحظيًا قد يزول سريعًا، بينما الاعتماد على UGC فقط قد يكون بطيئًا في البداية ولا يحقق الزخم المطلوب. لكن عند الجمع بينهم:
- تحصل على الانتشار والثقة.
- تبني علاقة طويلة الأمد مع جمهورك،
- تجمع بين الرسالة القوية للمؤثر والمصداقية العفوية للمستخدمين.